¤ كان نظَّارا شجاعا، لا يخاف في الله لومة لائم:
الشيخ العلامة الفقيه حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر النجدي، ولد في العيينة موطن أسرته عام ستين ومائة وألف من الهجرة وقت إمارة جده عثمان بن حمد على العيينة، وبها نشأ.
إنتقل إلى الدرعية، ولازم شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب، وأخذ عنه وعن غيره من العلماء، كالشيخ سليمان بن عبدالوهاب والشيخ حسين بن غنام والشيخ حمد بن مانع وغيرهم.
عينه الإمام سعود في قضاء الدرعية، ثم رئيسا لقضاة مكة المكرمة، تصدى للتدريس والقضاء والإفتاء، فصار مرجعا لطلاب العلم، تضرب إليه أكباد الإبل، فتخرج على يديه علماء أجلاء كالشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ وابنه الشيخ عبدالعزيز بن حمد والشيخ إبراهيم بن سيف الدوسري والشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين وغيرهم كثير.
وكان رحمه الله نظارا شجاعا، لا يخاف في الله لومة لائم، مكث في القضاء حتى توفي سنة خمس وعشرين بعد المائتين والألف 1225 هـ، وصلى عليه الإمام سعود في البياضية ودفن فيها رحمه الله.
• موقفه من المبتدعة:
جاء في تاريخ علماء نجد: ولما كان في سنة ألف ومائتين وإحدى عشرة هجرية، طلب الشريف غالب بن مساعد أمير مكة من الإمام عبدالعزيز بن محمد آل سعود أن يبعث إليه عالما ليناظر علماء مكة المكرمة في شيء من أمور الدين، فبعث إليه الإمام عبدالعزيز المترجم له الشيخ حمد بن ناصر على رأس ركب من العلماء، فلما وصلوا مكة أناخوا رواحلهم أمام قصر الشريف غالب، فإستقبلهم وأكرمهم وأنزلهم المنزل اللائق بهم، فلما فرغوا من عمرتهم وإستراحوا من وعثاء السفر وعنائه، جمع الشريف بينهم وبين علماء الحرم الشريف من أرباب المذاهب الأربعة ما عدا المذهب الحنبلي، والمقدم فيهم مفتي الأحناف الشيخ عبدالملك بن عبدالمنعم القلعي، فصار بينهم وبين الشيخ حمد بن ناصر ورفاقه مناظرة عظيمة هامة عقد لها عدة مجالس بحضرة والي مكة الشريف غالب، وبمشهد كبير من أهل مكة، وذلك في شهر رجب من ذلك العام المذكور، فظهر عليهم الشيخ حمد بن ناصر بحجته وأسكتهم بأدلته وبراهينه، فسلموا له وأذعنوا لأقواله ودلائله.
وقال مؤلف تاريخ علماء نجد: حدثني وجيه الحجاز الشيخ السلفي محمد بن حسين بن عمر بن عبدالله نصيف قال: حدثني رجل ثقة من آل عطية من أهل جده عن أبيه قال: جمعنا في مسجد عكاشة حينما قدم حمد ابن ناصر بكتاب الصلح بين سعود وغالب، فصعد المنبر وخطب خطبة بليغة تدور حول تحقيق التوحيد وإخلاص العبادة ثم حذر من ترك الصلوات، وأمر بأدائها في المساجد، وعن شرب الدخان وعدم بيعه وتعاطيه بحال من الأحوال، كما أمر بهدم القباب التي على القبور، وأمر بالحضور إلى المساجد لسماع رسائل الشيخ محمد بن عبدالوهاب، فإمتثل الناس هذا كله، فصرت لا ترى الدخان، لا إستعمالا ولا بيعا، وصارت المساجد تزدحم بالمصلين، وهدمت القباب التي على القبور وصار الناس يحضرون لسماع الدرس.
* وما تقدم يدل على:
1= إخلاص هذا الشيخ لعقيدته السلفية وقوة علمه وذكائه رضي الله عنه، وأن الخرافيين دائما حججهم كبيت العنكبوت تذهب بأقل شيء، فكيف تثبت أمام نور السنة النبوية.
2= ما كان عليه الناس من إقتداء بالعلماء في ذلك الزمان، فلو قام عالم الآن بمثل ما قام به الشيخ حمد، لا أظن الناس يمتثلون بهذه السرعة التي تحققت للشيخ، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على إخلاصهم.
وله من الآثار: -الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم السنة والكتاب- وهو مطبوع.
المصدر: موقع دعوة الانبياء.